سيبقى لها في مضمر القلب والحشا ... سريرة حبٍ يوم تبلى السرائر قالوا: الأحوص، قال: إن الفاسق عنها يومئذٍ لمشغول، والله لا أرده ما دام لي سلطان؛ فمكث هناك بقية أيام عمر وصدراً من ولاية يزيد بن عبد الملك، فبينما يزيد وجاريته ليلة على سطح وهي تغنيه بشعر من شعر الأحوص فقال لها: من يقول هذا؛ قالت: وعيشك لا أدري، فاستخبر عنه فعرفوه أنه الأحوص وأنه قد طال حبسه، فأمر له بمائة دينار وكسوة وأطلقه.
٢٣١ - (١)
[المقتدي بأمر الله]
عبد الله بن محمد بن أمير المؤمنين، أبو القاسم بن ذخيرة الدين أبي العباس ابن الإمام القائم بأمر الله؛ بويع له بالخلافة في ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة، وهو ابن تسعة عشرة سنة، وتوفي أبوه الذخيرة والمقتدي حمل؛ وقال ابن النجار: ظهر في أيامه خيرات كثيرة وآثار حسنة في البلاد، وتوفي فجأة في تاسع عشر المحرم سنة سبع وثمانين وأربعمائة؛ وكان قد أحضر إليه تقليد السلطان بركياروق ليعلم عليه، فقرأه وعلم عليه، ثم تغدى وغسل يديه وعنده جاريته شمس النهار، فقال لها: هؤلاء الأشخاص قد دخلوا بغير إذن، قالت: فالتفت فلم أر شيئاً، ورأيته قد تغير حاله، واسترخت يداه، فظننت أنه قد غشي عليه، فقلت لجارية عندي: ليس هذا وقت البكاء، واستحضرت الوزير وأخبرته الخبر، فأخذ البيعة لولده المستظهر بالله أحمد.