والله ما اخترت الفراق وإنما ... حكمت علي بذلك الأيام ومن الاتفاقات العجيبة: أن أول الخلفاء من آل أبي سفيان معاوية وآخرهم اسمه معاوية، وأول الخلفاء من آل الحكم بن العاص اسمه مروان وآخرهم اسمه مروان، وأول الخلفاء الفاطميين بالمغرب والديار المصرية اسمه عبد الله وآخرهم اسمه عبد الله، وأول الخلفاء من بني العباس عبد الله السفاح وآخرهم عبد الله المستعصم، وعددهم سبعة (١) وثلاثون خليفة، ومدة ملكهم خمسمائة سنة وأربع وعشرون سنة، فسبحان من لا يزول ملكه.
وقال القاضي جمال الدين بن واصل رحمه الله تعالى: أخبرني من أثق بنقله يوم ورود الخبر بتملك التتار بغداد أنه وقف على كتاب عتيق فيه ما صورته: إن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، جد الخلفاء العباسيين، بلغ بعض خلفاء بني أمية عنه أنه يقول: إن الخلافة تصير إلى ولده، فأمر به فضرب وحمل على جمل وطيف به وهم ينادون عليه: هذا جزاء من يفتري ويقول: إن الخلافة تصير إلى ولده، فكان يقول: إي والله لتكونن الخلافة في ولدي ولا تزال فيهم إلى أن يأتيهم العلج من خراسان فينزعها منهم، فوقع مصداق ذلك وهو ورود هلاكو من خراسان وإزالة ملك بني العباس.
قال الشيخ شمس الدين الذهبي رحمه الله تعالى: توفي الخليفة في أواخر المحرم سنة ست وخمسين وستمائة، وما أظنه دفن، وكان الأمر أعظم من أن يوجد فيؤرخ موته أو يوارى جسده، وراح تحت السيف أمم لا يحصيهم إلا الله تعالى، فيقال إنهم أكثر من ألف ألف، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وخلت بغداد من أهلها، وتشتت من بقي منهم في البلاد.
قال الشيخ شمس الدين الكوفي الواعظ المقدم ذكره يذكر واقعة بغداد ويرثي أهلها ويذكر خرابها: