مفدمة قزاً كأن رقابها ... رقاب بنات الماء تفزع للرعد
جلتها الجوالي حين طاب مزاجها ... وطينتها بالمسك والعنبر والورد
تمج سلافاً في الأباريق خالصاً ... وفي كل كأس في يدي حسن قد
تضمنها زق أزب كأنه ... صريع من سودان ذو شعر جعد اشتهى أبو هندي الصبوح يوماً فدخل الخمارة فأعطى الخمار ديناراً وجعل يشرب حتى سكر ونام، وجاء قوم يسلمون عليه فوجدوه نائماً، فقالوا للخمار: ألحقنا به، فسقاهم حتى سكروا، وانتبه أبو الهندي فسأل عنهم فعرفه الخمار حالهم، فقال: يا هذا الآن وقت السكر والآن طاب، ألحقني بهم، فسقاه حتى سكر، وانتبهوا فقالوا للخمار: ويحك هو نائم إلى الآن؟ فقال: لا، انتبه وعرفته خبركم وسكر ونام، فقالوا ألحقنا به، فسقاهم حتى سكروا، ولم يزل على ذلك دأبه ودأبهم ثلاثة أيام، ولم يلتقوا وهم في موضع واحد، ثم تركوا الشرب عمداً حتى أفاق فلقوه، وفي ذلك يقول (١) :
ندامى بعد ثالثة تلاقوا ... يضمه بكوه زيان راح
وقد باكرتها فتركت منها ... قتيلاً ما أصابتني جراح
فقالوا أيها الخمار من ذا؟ ... فقال أخ تخونه اصطباح
فقالوا: هات راحك ألحقنا ... به، وتعللوا ثم استراحوا
فما إن لبثتهم أن رمتهم ... بحد سلاحها ولها سلاح
وحان تنبهي فسألت عنهم ... فقال أتاحهم قدر متاح
رأوك مجدلاً واستخبروني ... فحركهم إلى الشرب ارتياح
فقلت بهم فألحقني فهبوا ... فقالوا هل تنبه حين راحوا