للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا الأشقر الموعود بي في الملاحم ... ومن يملك الدنيا بغير مزاحم

ستبلغ أقصى الروم خيلي وتنتضى ... بأقصى بلاد الصين بيض صوارمي واتفق أن المسترشد رأى فيما يرى النائم في الأسبوع الذي استشهد فيه كأن على يده حمامة مطوقة، فأتاه آت وقال له: خلاصك في ذلك، فلما أصبح حكى لابن سكينة الإمام ما رآه، فقال: ما أولته يا أمير المؤمنين؟ فقال: أولته ببيت أبي تمام الطائي:

هن الحمام فإن كسرت عيافة ... من حائهن فإنهن حمام وخلاصي في حمامي، وليت من يأتيني فيخلصني مما أنا فيه من الذل والحبس. فقتل بعد المنام بأيام وكان قد خرج للإصلاح بين السلجوقية واختلاف الأجناد، وكان معه جمع كثير من الأتراك، فغدر أكثرهم به ولحقوا بالسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه، ثم التقى الجمعان فلم يلبثوا إلا قليلاً وانهزموا عن المسترشد، وقبض على المسترشد وعلى خواصه، وحملوا إلى قلعة بقرب همذان وحبسوا بها، وكان ذلك في شهر رمضان، وبقي إلى النصف من القعدة، وحمل مع مسعود إلى مراغة، وأنزل بناحية من العسكر، فدخل عليه جماعة من الباطنية من خلف الخيمة وتعلقوا به وضربوه بالسكاكين، فوقعت الصيحة، وقتل معه جماعة منهم أبو عبد الله ابن سكينة وابن الجزري، وخرج جماعة وأمسكوا وقتلوا وحرقوا، وبقيت يد أحدهم لم تحترق، ففتحوا يده فإذا فيها شعرات من كريمة المسترشد، فأخذها السلطان مسعود وجعلها في تعويذ ذهب، ثم جلس السلطان للعزاء، وخرج الخادم ومعه المصحف وعليه الدم، وخرج أهل مراغة وعليهم المسوح وعلى وجوههم الرماد، وهم يستغيثون ويبكون، ودفنوه في مدرسة أحمدك، وبقي العزاء بمراغة أياماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>