للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورحلت لبنى واشتد مرضه، فسأل أبوه فتيات الحي أن يعدنه ويتحدثن عنده ويعللنه، فأتينه وجلسن عنده، وجاءه طبيب يداويه فقال قيس:

عدن (١) قيساً من حب لبنى، ولبنى ... داء قيس، والحب داء شديد

فإذا عادني العوائد يوماً ... قالت العين: لا أرى (٢) ما أريد

ليت لبنى تعودني ثم أقضي ... إنها لا تعود فيمن يعود

ويح قيس ماذا تضمن منها ... داء خبل والقلب منه عميد فقال الطبيب: مذ كم وجدت العلة بهذه المرأة؟ فقال:

تعلق روحي روحها قبل خلقنا ... ومن بعد ما كنا نطافاً وفي المهد

فزاد كما زدنا فأصبح نامياً ... وليس إذا متنا بمنفصم العهد

ولكنه باق على كل حادث ... وزائرنا في ظلمة القبر واللحد ومن شعره:

وفي عروة العذري أن مت أسوة ... وعمرو بن عجلان الذي قتلت هند

وبي مثل ما قد نابه، غير أنني ... إلى أجل لم يأتني وقته بعد

هل الحب إلا عبرة ثم زفرة ... وحر على الأحشاء ليس برد

وفيض دموع تستهل إذا بدا ... لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو وشكا أبو لبنى قيساً إلى معاوية، وأعلمه بتعرضه لها بعد الطلاق، فكتب إلى مروان بن الحكم بهدر دمه، وأمر أباها أن يزوجها بخالد بن حلزة من بني غطفان، فلما علم قيس جزع جزعاً شديداً، وقال:

فإن يحجبوها أو يحل وصلها ... مقالة واش أو وعيد أمير

فلن يمنعوا عيني من دائم البكا ... ولن يذهبوا ما قد أجن ضميري


(١) ر: عند.
(٢) ر: الذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>