للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منجماً " لأبغا " (١) بعد أبيه، وكان يعمل الوزارة لهولاكو من غير أن يدخل يده في الأموال، واحتوى على عقله حتى إنه لا يركب ولا يسافر إلا في وقت يأمره به، ودخل عليه مرة ومعه كتاب مصور في عمل الدرياق الفاروق، فقرأه عليه وعظمه عنده وذكر منافعه وقال: إن كمال منفعته أن تسحق مفرداته في هاون ذهب، فأمر له بثلاثة آلاف دينار لعمل هاون، وولاه هولاكو جميع الأوقاف في سائر بلاده، وكان له في كل بلد نائب يستغل الأوقاف ويأخذ عشرها ويحمل إليه ليصرفه في جامكيات المقيمين بالرصد ولما يحتاج إليه من الأعمال بسبب الأرصاد، وكان للمسلمين به نفع خصوصاً الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم، وكان يبرهم ويقضي أشغالهم ويحمي أوقافهم، وكان مع هذا كله فيه تواضع وحسن ملتقى.

قال شمس الدين الجزري، قال حسن بن أحمد الحكيم صاحبنا: سافرت إلى مراغة وتفرجت في الرصد ومتوليه علي بن الخواجا نصير الدين الطوسي، وكان شاباً فاضلاً في التنجيم والشعر بالفارسية، وصادفت شمس الدين " ابن " المؤيد العرضي وشمس الدين الشرواني والشيخ كمال الدين الأيكي وحسام الدين الشامي، فرأيت فيه من آلات (٢) الرصد شيئاً كثيراً، منها ذات الحلق وهي خمس دوائر متخذة من نحاس: الأولى دائرة نصف النهار، وهي مركوزة في الأرض، ودائرة معدل النهار، ودائرة منطقة البروج، ودائرة العرض، ودائرة الميل، ورأيت الدائرة الشمسية التي يعرف بها سمت الكواكب، وأخبرني شمس الدين العرضي أن نصير الدين أخذ من هولاكو بسبب عمارة هذا الرصد ما لا يحصيه إلا الله تعالى (٣) خارجاً عن الجوامك والرواتب التي للحكماء والقومة.


(١) زيادة من الوافي.
(٢) المطبوعة: آيات.
(٣) في الوافي بعده: وأقل ما كان يأخذ بعد فراغ الرصد لأجل الآلات وإصلاحها عشرون ألف دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>