مدام إذا ما لاح للركب نورها ... وقد ضل ليلاً عاد بالنور يهتدي
حشيشتهم تكسو المهيب مهانة ... فتلقاه مثل القاتل المتعمد
ويبدو على خديه مثل اخضرارها ... فيضحي بوجه مظلم اللون أربد
وتفسد من ذهن النديم خياله ... فينظر مبيض الصباح كأسود
وخمرتنا تكسو الذليل مهابة ... وعزاً فتلقى دونه كل سيد
وتجلى فتجلو هم كل منادم ... ويروى بها من شربها قلبه الصدي
وتبدو فيبدو سره وتسره ... فيشبهها لوناً بخد مورد
وفيها على رغم الحشيش منافع ... فقل في معانيها وصفها وعدد
وفي غيرها للناس كل مضرة ... فحدث بكل السوء عن وصفها الردي
وحقك ما ذاق الحشيش خليفة ... ولا ملك فاق الأنام بسؤدد
ولا جد في وصف لها قط شاعر ... بتنميق ألفاظ كألحان معبد
ولم تضرب الأوتار في مجلس لها ... وما ذاك إلا للشراب المورد
أتخضب من غير المدامة راحة ... إذا ما بدت في الكأس تجلى على اليد
بها ينثني المعشوق نشوان مائلاً ... بقد كغصن البانة المتأود
يعاطيك راحاً مثلها في رضابه ... ومبسمه مثل الحباب المنضد
وينعم بالوصل الذي كان باخلاً ... به ثم ينسى كل ما كان في الغد
أعن مثلها يا صاح يصبر عاقل ... لقد كنت في تركي لها غير مهتدي
ولولا فضول الناس ما بت صاحياً ... ولم أستمع فيها مقال المفند
فخذها ولا تسمع مقالة لائم ... وإن حرمت يوماً على دين أحمد تأمل هاتين القصيدتين وكيف ناقض بينهما، وبهذا يعرف حذق الشاعر فإنه يمدح الشيء ويذم ضده، ثم يعكس فيميل الطباع إلى ما مدح، ويصرفها على ما ذم، من غير أن يغير حقيقة هذا ولا هذا.
وقال أيضاً: