مهيباً، وكان وافر العقل راغباً في الخير قليل الظلم محسناً إلى العلويين.
وكان يقول: يا بغا أين أبي؟ من قتل أبي؟ ويسب الأتراك ويقول: هؤلاء القتلة الخلفاء، فدسوا للطبيب ابن طيفور ثلاثين ألف دينار عند مرضه فأشار بفصده بريشة مسمومة فمات. ويقال إن ابن طيفور نسي وقال لغلامه: افصدني، ففصده بتلك الريشة فمات أيضاً. وقيل مات بالخوانيق، وقيل سم في كمثراة بإبرة، وقال عند موته: يا أماه، ذهبت مني الدنيا والآخرة، عاجلت أبي فعوجلت. ولم يتمتع بالخلافة لأنه ولي في شوال سنة سبع وأربعين ومائتين، ومات في ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، وعاش ستاً وعشرين سنة، وقال عند الموت:
فما متعت نفسي بدنيا أصبتها ... ولكن إلى الرب الكريم أصير
وما كان ما قدمته رأي فلتة ... ولكن بفتياها أشار مشير وقال أيضاً:
متى ترفع الأيام من قد وضعته ... وينقاد لي دهر علي جموح
أعلل نفسي بالرجاء وإنني ... لأغدو على من ساءني وأروح وله فيما نسب إليه من قتل أبيه:
لو يعلم الناس نالني ... فليس لي عندهم عذر
كان إلي الأمر في ظاهر ... وليس لي في باطن الأمر قال سبط ابن الجوزي في " المرآة ": كان المتوكل قد أراد أن ينقل العهد من ابنه المنتصر لابنه المعتز لمحبته لأمه، وسام المنتصر أن ينزل عن ولاية العهد فأبى، وكان يحضره ويتهدده بالقتل، فأحضره ليلة وشتمه شتماً قبيحاً وشتم أمه، فقام المنتصر وهو يقول: والله لو أنها جارية لبعض سواسك لمنعت من ذكرها ولوجب عليك صيانتها، فغضب المتوكل وقال للفتح بن