للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطلب الماء فمنعوه من ذلك حتى أغمي عليه، فأخرجوه وسقوه ماء فشربه وسقط ميتاً.

وقال سبط ابن الجوزي في المرآة: لما أوقفوه في الشمس طلب نعلاً فلم يعطوه، فأسبل سراويله على رجليه، وقيل أنهم نزعوا أصابع يديه ورجليه ثم خنقوه، وقيل أدخلوه سرداباً مجصصاً جديداً فاختنق، ولم يعذب خليفة بمثل ما عذب على صغر سنه؛ وتوفي يوم السبت لست خلون من رمضان (١) سنة خمس وخمسين ومائتين، ودفن إلى جانب أخيه المنتصر.

وكان أبيض جميل الوجه، على خده الأيسر خال أسود، وصلى عليه المهتدي. وأمه رومية، وكان نقش خاتمه " المعتز بالله " وهو ثالث خليفة خلع من بني عباس، ورابع خليفة قتل منهم. قال البحتري: كنت صاحباً لأبي معشر المنجم، فتضايقنا مضايقة شديدة، فدخلنا على المعتز وهو محبوس قبل أن يلي الخلافة، فأنشدته أبياتاً كنت قلتها (٢) :

جعلت فداك الدهر ليس بمنفك ... من الحادث المشكو والنازل المشكي

وما هذه الأيام إلا منازل ... فمن منزل رحب إلى منزل ضنك

وقد هذبتك الحادثات وإنما ... صفا الذهب الإبريز قبلك ضنك

أما في رسول الله يوسف أسوة ... لمثلك محبوساً على الظلم والإفك

أقام جميل الصبر في السجن برهة ... فآل به الصبر الجميل إلى الملك فدفع الورقة إلى خادم على رأسه وقال: احتفظ بها فإن فرج الله تعالى ذكرني لأقضي حاجتهم، وكان أبو معشر قد أخذ له طالعاً لمولده فحكم له بالخلافة بمقتضى الطالع، فلما ولي الخلافة أعطى كل واحد منا ألف دينار، وأجرى له في كل شهر مائة دينار.


(١) الوافي: من شعبان، وقيل في اليوم الثاني من رمضان.
(٢) ديوان البحتري: ١٥٦٧ وكان البحتري قد قال هذه الأبيات في أبي سعيد الثغري.

<<  <  ج: ص:  >  >>