للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحفظ شعر المعري؛ باشر الإنشاء بصفد وغزة وقلعة الروم وفي كل مكان له وقائع مع نواب ذلك وأوابد، ويخرج هارباً، وكتب قدام الصاحب شمس الدين غبريال، فاتفق أنه هرب مملوك الأمير شهاب الدين قرطاي، فظفر به الصاحب، وأمره أن يكتب على يده كتاباً إلى مخدومه يقول فيه: إنما هرب خوفاً منك، فكتب الكتاب، وجاء في المعنى المقصود، فقال: إذا خشن المقر حسن المفر، فلما وقف الصاحب على ذلك أنكره وقال: ما هذه مليحة، فطار عقل شهاب الدين، لأنه ظن أن ذلك يصادف موقعاً يهش له، فضرب الدواة بالأرض، وقال: ما أنا ملزوم بالقلف الغلف وخرج متوجهاً إلى اليمن وكتب لصاحبها، ثم خرج منها هارباً.

وكان خشن الملبس شظف (١) العيش مطرح الكلفة، يلبس البابوج والجمجم (٢) ، ويلف الطول المقصص (٣) الإسكندراني والقماش القصير. وكان حلو المعاشرة، ألف به القاضي فخر الدين ناظر الجيش واستكتبه في باب السلطان.

ولما مات فخر الدين رجع إلى الشام كاتب إنشاء، واختل (٤) قبل موته بسنتين.

وكان مولده سنة خمسين بمكة، شرفها الله تعالى، ووفاته بعد أخيه علاء الدين في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ومات وله سبع وثمانون سنة تقريباً؛ وسمع من ابن عبد الدايم وقرأ على ابن مالك وعلى ولده بدر الدين وعلى مجد الدين ابن الظهير الإربلي.

وكان إذا أنشأ أطال فكره، ونتف شعر ذقنه، أو وضعه في فمه وقرضه بثناياه، رحمه الله.

فمن شعره:


(١) ص: شيطف.
(٢) ذكره دوزي في ملحق المعاجم بفتح الجيمين (وبضمهما في المعجم الفارسي) وعرفه بأنه نعل يلبسه الدراويش، ويصنع من قطن.
(٣) الوافي: المقفص؛ ولم أجد شرحاً لما سماه " الطول المقصص " أو " المقفص ".
(٤) الوافي: واختلط.

<<  <  ج: ص:  >  >>