للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بني العباس؛ مولده سنة سبع وعشرين ومائة؛ كان جواداً ممدحاً، مليح الشكل محبباً إلى الرعية، قصاباً (١) للزنادقة، وكان ملكه عشر سنين وشهراً ونصفاً، مات في سنة تسع وستين ومائة، وعاش ثلاثاً وأربعين سنة، وصلى عليه ولده هارون الرشيد. ومن شعره:

أرى ماء وبي عطش شديد ... ولكن لا سبيل إلى الورود

أما يكفيك أنك تملكني ... وأن الناس كلهم عبيدي

وأنك لو قطعت يدي ورجلي ... لقلت من الرضى أحسنت زيدي وكتب إلى جاريته الخيزران وهو في منتزه له:

نحن في أفضل السرور ولكن ... ليس إلا بكم يتم السرور

عيب ما نحن فيه يا أهل ودي ... أنكم غبتم ونحن حضور

فأغذوا المسير بل إن قدرتم ... أن تطيروا مع النسيم فطيروا دخل ابن الخياط المكي عليه فقبل يده ومدحه، فأمر له بخمسين ألف درهم، فلما قبضها فرقها على الناس وقال:

لمست بكفي كفه أبتغي الغنى ... ولم أدر أن الجود من كفه يعدي

فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى ... أفدت وأعداني فضيعت ما عندي وبلغ المهدي ذلك فأعطاه بكل درهم ديناراً.

وجلس المهدي جلوساً عاماً فدخل عليه رجل وبيده منديل فيه نعل، فقال: يا أمير المؤمنين، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك، فأخذها منه وقبلها ووضعها على عينيه وأعطاه عشرة آلاف درهم، فلما خرج قال لجلسائه: ما ترون؟ إني أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرها فضلاً عن أن يكون قد لبسها، ولو كذبناه لقال للناس:


(١) المطبوعة: قصاصاً، وأثبت ما في الوافي والزركشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>