للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يوماً عند صاحب حماة الملك المنصور وقد حضر السماط، وكان أكثره مرق، فقال شهاب الدين، لما قيل له الصلاة، بسم الله الرحمن الرحيم، نويت رفع الحدث واستباحة الصلاة، الله أكبر. وكان المظفر ولد المنصور يكره شهاب الدين فاغتنم الوقيعة فيه عند والده، فقال: اسمع ما يقوله ابن غانم، يهجن طعامنا ويشبهه بالماء الذي يرفع به الحدث، فعاتبه المنصور على ذلك فقال: ما قصدت ذلك، ولكن البسملة في بدء كل شيء مستحبة، والحدث الذي نويت رفعه حدث الجوع، واستباحة الصلاة في الأكل، قال: فما معنى الله أكبر، قال: على كل ثقيل، فاستحسن الملك ذلك وخلع عليه.

واجتمع ليلة عند كريم الدين الكبير في مولد بعلاء الدين ابن عبد الظاهر، فجاء إليه شخص وقال: معاوية الخادم يقصد الاجتماع بك، فقال: ويلك من يفارق علي (١) ويروح إلى معاوية؟.

كان شهاب الدين قد فارق أباه هو صغير، وتوجه إلى السماوة ونزل على الأمير حسين ابن خفاجة، وأقام عنده مدة يصلي به، وكان الوقت قريب العهد بخراب بغداد وقتل المستعصم وتشتت أهل بغداد في البلاد فظن به أنه ابن المستعصم واشتهر ذلك، واتصل بالملك الظاهر، فلم يزل في اجتهاد إلى أن أقدمه عليه لما أهمه من أمره، فلما حضر سأله: ابن من أنت؟ فقال: ابن شمس الدين ابن غانم، فطلب والده إلى القاهرة وحضرا بين يدي الملك الظاهر واعترف والده به، فقال: خذه فأخذه وتوجه به إلى دمشق.

وكان مع صاحب حماة قد خرج مرة إلى شجرات (٢) المعرة، وكان إذ ذاك في خدمة الملك الظاهر، وقد ضربت الوطاقات، وامتلأت الصحراء خياماً، فاحتاج شهاب الدين إلى الخلا، وما كان يرى الدخول إلى الخربشت (٣) ، فصعد


(١) كذا في ص.
(٢) الوافي: شجريات.
(٣) لعلها من " خربشته " الفارسية، بمعنى خيمة، وهو هنا يعني المرحاض.

<<  <  ج: ص:  >  >>