للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غداة ابتدلت به حلةً ... من الشيب ناصعها يلمع

وقد كنت أزمان شرخ الشباب ... تصول مدلاًّ ولا تخشع

تطاع ويعصى لديك العذول ... ويصفو لك العيش والمربع (١) وكتب إليه أخوه إبراهيم يشكو حاله وهو محبوس (٢) فكتب إليه:

أبا إسحاق إن تكن اللّيالي ... عطفن عليك بالخطب الجسيم

فلم أر صرف هذا الدهر يجني ... بمكروهٍ على غير الكريم وقال أيضاً:

صباح الحبّ ليس له مساء ... وداء الحبّ ليس له دواء

ولي نفس تنفّسها اشتياق ... وعينٌ فيض عبرتها الدماء

وليلي والنّهار عليّ ممّا ... أقاسي فيهما أبداً سواء وقال المعتصم يوماً للفضل بن مروان، وقد أراد الخروج إلى القاطول: غلماني تحت السماء ما لهم شيء يكنهم، فابن لهم غداً أربعة آلاف بيت؛ فخرج مفكراً، فلقيه أحمد بن المدبر فسأله عن غمه فأخبره بقول المعتصم فقال: إنما أمرك أن تشتري لهم أربعة آلاف لباد (٣) ليستكنوا فيها، فاشترى لهم ما وجد وتقدم في عمل الباقي لمن بقي، فلما أصبح المعتصم ورآها على غلمانه قال للفضل: أحسنت، بهذا أمرتك.

وقيل إن أحمد بن المدبر قال: حبست في حبس لابن طولون ضيق، وفيه خلق وبعضنا على بعض، فحبس معنا أعرابي فلم يجد مكاناً يقعد فيه، فقال: يا قوم، لقد خفتت من كل شيء إلا أني ما خفت قط ألا يكون لي موضع في الأرض في الحبس أقعد فيه، ولا خطر ذلك ببال، فاستعيذوا بالله من حالنا.


(١) الوافي: والمرتع.
(٢) ص: محبوساً.
(٣) الوافي: لبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>