للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب السلطان عن الظلم، وكان شديد " الإشراف " (١) على الدواوين فخرجوا عليه الأتراك فحاربهم بنفسه، وجرح فأسروه وخلعوه وقتلوه سنة ست وخمسين ومائتين.

قال العمراني: إن الأتراك عصروا خصاه حتى مات وبايعوا أحمد بن المتوكل ولقبوه المعتمد على الله، وذلك في سادس عشر رجب سنة ست وخمسين، وكانت خلافة المهتدي سنة إلا خمسة (٢) عشرة يوماً.

جلس يوماً للمظالم فاستعداه (٣) رجل على ابن له، فأحضره وحكم عليه ورد الحق للرجل، فقال الرجل: أنت والله يا أمير المؤمنين كما قال الأعشى:

حكمتموه فقضى بينكم ... أبلج مثل القمر الزاهر

لا يقبل الرشوة في حكمه ... ولا يبالي غبن الخاسر فقال المهتدي: أما أنت فجزاك الله خيراً، وأما أنا فإني والله ما جلست حتى قرأت قوله تعالى: " ونضع الموازين القس ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها، وكفى بنا حاسبين " " الأنبياء: ٤٧ " قال الإسكافي: فما رأيت باكياً أكثر من ذلك اليوم.

ومدحه البحتري بقصيدة منها (٤) :

هجرت الملاهي خشية وتفردا ... بآيات ذكر الله يتلى حكيمها

وما تحسن الدنيا إذا هي لم تعن ... بآخرة حسناء يبقى نعيمها وخلف من الولد سبعة عشر ذكراً وست بنات، وأولاده أعيان أهل بغداد، وهم الخطباء بالجوامع والعدول ولم يبق ببغداد أكثر من ولده.


(١) زيادة من الوافي.
(٢) ص: خمس.
(٣) ص: فاستعدى.
(٤) ديوان البحتري: ٢٠٢٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>