فخر الدين ابن تميم؛ سكن حماة وخدم الملك المنصور، وكان جندياً محتشماً شجاعاً مطبوعاً كريم الأخلاق، بديع النظم رقيقه لطيف التخيل.
توفي بحماة سنة أربع وثمانين وستمائة. وهو في التضمين الذي عاناه في فضلاء المتأخرين آية، وفي صحة المعاني والذوق اللطيف غاية؛ لأنه يأخذ المعنى الأول ويحل تركيبه، وينقله بألفاظه إلى معنى ثاني، حتى كأنّ الناظم الأول إنما أراد به المعنى الثاني، وقد أكثر من ذلك حتى قال:
أطالع كل ديوان أراه ... ولم أزجر عن التضمين طيري
أضمن كل بيت فيه معنى ... فشعري نصفه من شعر غيريه ومنه قوله يرثي قدحاً:
أيا قدحاً قد صدع الدهر شمله ... فأصبح بعد الراح قد جاور التربا
سأبكيك في وقت الصبوح وإنني ... سأكثر في وقت الغبوق لك الندبا
وإن قطبت شمس المدام فحقها ... " لأنك كنت الشرق للشمس والغربا " ومنه:
أهديته قدحاً فإن أنصفته ... أوسعته بجماله تقبيلا
نظمت به الصهباء در حبابها ... " حتى تصير لرأسه إكليلا " ومنه قوله:
لو أنك إذ شربناها كؤوساً ... ملئن من المدام الأرجواني