للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آنس قلبي نار طور خده ... فهو كما شاء الهوى كليمه وقال يعاتب محبوباً:

غدرتم ولولا الغدر ما كان لي عذر ... فجاء على قصدي وقصدتم الأمر

وجدتم مجالاً للقلى وكذا أنا ... فما ضاق لي يوماً ولا لكم صدر

فلا أشتكي منكم ملالاً لأنكم ... هجرتم بحمد الله إذ طاب لي الهجر

فإن تدعوا عنا اصطباراً فهكذا ... أتانا بلا دعوى كما نشتهي الصبر

وإن تشكروا حكم البعاد فللنوى ... علينا إياد لا يقوم بها الشكر

وكنت أظن الصبر مراً مذاقه ... فمذ ذقته أيقنت أن الهوى المر

فكونوا كما شئتم فإنا كما نشا ... صحونا جميعاً وانجلى ذلك السكر

فكم تهت من قد هناك وطلعة ... بغصن ولا غصن وبدر ولا بدر

وإن كان زيد صدكم عن وصالنا ... فلم تخطئوا شيئاً كذا صدنا عمرو

وإن كنتم أنسيتم العهد فاسألوا ... ليخبركم هل مر يوماً له ذكر

تقضي الهوى منا ومنكم فكلنا ... سواء ولكن منكم بدأ الشر

ولا شر في أمر عرفنا به الذي ... لنا عندكم حتى استوى السر والجهر

فلا مقلة عبرى بأجفانها قذى ... ولا كبد حرى بأثنائها جمر

ولا زادنا حب جوى كل ليلة ... ولا سلوة الأيام موعدها الحشر (١)

وكنا كما شاء الغرام كأننا ... لفرط امتزاج بيننا الماء والخمر

فكم ليلة ما شاب إظلامها دجى ... وكم ليلة بالهجر ما شابها فجر

فأعقبكم ذاك الوفاء ملالة ... فلا بأس هذا الغدر شيمته الغدر

وإني وإن ألفيت في ذاك راحة ... وباتت يدي منكم وراحتها صفر

لمثن ولكن لا يقابل هجركم ... سوى الهجر لا عتب يمض ولا هجر وقال أيضاً:


(١) فيه إشارة إلى قول أبي الصخر الهذلي:
فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

<<  <  ج: ص:  >  >>