وأصبح منكم منزل الأنس خالياً ... تبين عليه وشحة وهو مظلم
وأضمرت (١) توديعاً له وهو ساكت ... ولكن لسان الحال منه يكلم
وقالت لي الأوطان هل عودة بكم ... فقلت لها ربي بذلك يعلم وقال موشح:
نشرت ريح الصبا روح الصباح ... فصبا المشتاق
وبكى عصر الصبا الماضي وناح ... من جوى الإشفاق
قدحت في العود نسمات الربيع ... لهب الأزهار
وانثنت ترقم بالوشي البديع ... جاري الأنهار
فكست عن برده البرد الخليع ... خلع النوار
وبدت في خضرة الماء القراح ... صفرة الأوراق
كطراز مذهب فوق وشاح ... صنعة الخلاق
مثل الورد على الماء المعين ... مثل الإنسان
زهرة العمر له في الأربعين ... وبدا النقصان
ولقد يعجله بعض السنين ... يكسر الأغصان
فافهم الجد فما المعنى مزاح ... وافتح الآماق
وادخر ما اسطعت من فعل الصلاح ... قيل أن تعتاق
مثل الدنيا كبيت العنكبوت ... أمره موهون
من بها أيامه سهواً تفوت ... فهو المحزن
فسعيد الناس عن الهم استراح ... وابتغى ما راق
وإذا حف من الطير الجناح ... أدرك السباق
(١) ص: وأضمر.