للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثغر كالثغر في امتناعٍ ... تحميه من لحظك الرماة

يا بدر تمٍّ له عذارٌ ... بحسنه تمّت الصفات

منمنم الوشي في هواه ... يا طالما نمت الوشاة

نبات صدغ حلاّك حسناً ... والحلو في السكر النّبات وكان السلطان بدر الدين لؤلؤ لا ينادمه ولا يحضره مجلسه، وإنما كان ينشده أيام المواسم والأعياد المدائح التي يعملها فيه، فلما كان في بعض الأيام رآه في الصحراء في روضة معشبة وبين يديه برذون له مريض يرعى، فجاء إليه ووقف عنده وقال: ما لي أرى هذا البرذون ضعيفاً؟ فقام وقبل الأرض وقال: يا مولانا السلطان، حاله مثل حالي، وما تخلفت عنه في شيء، يدي بيده في كل رزق رزقنا الله تعالى، هل عملت في برذونك هذا شيئاً؟ قال: نعم، وأنشده بديهاً:

أصبح برذوني المرقّع بالل؟ ... زقات في حسرةٍ يكابدها

رأى حمير الشعير عابرة ... عليه يوماً فظل ينشدها

" قفا قليلاً بها عليّ فلا ... أقلّ من نظرةٍ أُزوّدها " (١) فأعجبت السلطان بديهته. وأمر له بخمسين ديناراً (٢) وخمسين مكوكاً من الشعير وقال له: هذه الدنانير لك، وهذا الشعير لبرذونك، ثم أمره بملازمة مجلسه كسائر الندماء، وأقطعه إقطاعاً، ولم يزل يترقى عنده إلى أن صار لا يصبر عنه، رحمهما الله تعالى.


(١) بيت مضمن، وهو للمتنبي، ديوانه: ٢.
(٢) ص: دينار.

<<  <  ج: ص:  >  >>