للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما استقر الإمام المستنصر نشر العدل وبث المعروف وزاد أبواب الخيرات، وقرب أهل العلم والزهاد والصالحين، وبنى المدارس والمساجد والربط والمشاهد ودور الضيافة والبيمارستانات، وكف الفتن واعتنى بطرق الحاج وإصلاح آبارها، وبنى بالمدينة ومكة دوراً (١) للمرضى وأرسل إليها (٢) ما تحتاج من العقاقير والمركبات من الأدوية؛ وجمع العساكر وقام بأمر الجهاد، وأذعنت لطاعته ملوك الأرض، وبيعت كتب العلم في أيامه بأغلى الأثمان لميله إلى اقتنائها ورغبته في تحصيلها وإكبابه على مطالعتها ووقفها على أهل الفضل. وصنف الفضلاء في دولته بدائع المصنفات في فنون العلم تقربوا باهدائها إليه.

وكان أبيض أشقر الشعر ضخماً قصيراً، وكان جده الإمام الناصر يقربه ويسميه " القاضي " لعقله وهديه وإنكاره المنكر.

قال ابن واصل: وبنى على دجلة من الجانب الشرقي فيما يلي دار الخلافة مدرسة ما بني على وجه الأرض مثلها، وهي بأربع مدرسين على المذاهب الأربعة، وعمل فيها بيمارستاناً كبيراً، ورتب فيها مطبخاً ومزملة للفقراء، ورتب لهم حماماً وبالحمام قومة، واستخدم عساكر عظيمة تزي على مائة ألف وعشرين ألف فارس، وهزم التتار.

وكان قد بلغ ارتفاع وقف المستنصرية نيفاً وسبعين ألف مثقال.

ولما اهتم رضي الله عنه بجمع الجند من أقطار الأرض لدفع التتار اتفق جماعة من التجار وجمعوا مالاً خطيراً وسألوا الإنعام عليهم بقبوله وانفاقه على الغزاة ودفعوا المال إلى الدوادار، فأمر بأن يرد عليهم المال وقال: جزاكم الله الخير، يكفينا منكم الدعاء، وفي خزائننا ما يغني عن ذلك.

وكان له جارية يحبها اسمها " فضة "، فمن شعره فيها:


(١) ص: دور.
(٢) ص: إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>