للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بابه مع الناس فرأيت رجلاً على بغلة، حسن البزة يؤذن له إذا جاء، فلما انصرف إلى منزله اتبعته أماشي بلغته فقال: ما شأنك؟ فقلت: أنا رجل شاعر من أهل الحجاز، وقد مدحت الأمير وأتيت إليه راجياً معروفه، قال: فأنشدني، فأنشدته فأعجبه وقال: ويحك هذا شعرك؟ إياك أن تنتحل فإن الأمير راوية عالم (١) بالشعر وعنده رواة، فلا تفضحني وتفضح نفسك، فقلت: والله ما هو إلا شعري، فقال: ويحك، قل أبياتاً تذكر فيها حوف (٢) مصر وفضلها على غيرها والقني بها غداً، فغدوت عليه فأنشدته (٣) :

سرى الهم حتى بيّتتني (٤) طلائعه ... بمصر وبالحوف اعترتني روائعه

وبات وسادي ساعد قلّ لحمه ... عن العظم حتى كاد تبدو أشاجعه وذكر الغيث فقال:

وكم دون ذاك العارض البارق الذي ... له اشتقت من وجه أسيل مدامعه

تمشي به أبناء (٥) بكر ومذحج ... وأبناء عمرو فهو خصب مراتعه

بكل (٦) مسيل من تهامة طيب ... دميث الربى تسقي البحار دوافعه

أعنّي على برق أريك وميضه ... تضيء دجنّات الظلام لوامعه

إذا اكتحلت عينا محبّ بضوئه ... تجافت به حتى الصباح مضاجعه قال: أنت والله شاعر، احضر الباب فإني أذكرك، قال: فجلست على الباب ودخل فدعاني فدخلت فسلمت على عبد العزيز، فصعد فيّ بصره


(١) ص: عالماً.
(٢) ص: خوف.
(٣) ديوانه: ١٠٣.
(٤) الأغاني: تشنيني إليك.
(٥) الأغاني: أفناء.
(٦) الأغاني: فكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>