للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان هشام رجل بني أمية حزما ورأيا، ولما أتته الخلافة سجد لله شكرا، ورفع رأسه فوجد الأبرش الكلبي واقفا (١) فقال: ما لك لم تسجد معي؟ فقال: يا أمير المؤمنين رأيتك وقد رفعت إلى السماء وأنا مخلد إلى الأرض، فقال: أرأيتك (٢) إن رفعتك معي أتسجد؟ قال: الآن طاب السجود، وسجد، فأمر له بالإحسان الكثير وأن يكون جليسه طول مدته. وعوتب في شأنه وقيل له: ما تجالس من هذا الأبرش؟ فقال، حظي منه عقله لا وجهه.

وجمع من الأموال ما لم يجمعه خليفة قبله، فلما مات احتاط الوليد على كل ما تركه فما غسل ولا كفن إلا بالقرض والعارية. والمشهور عنه أنه ليس له من الشعر إلا هذا البيت:

إذا أنت لم تعص الهدى قادك الهوى ... إلى كل ما فيه عليك مقال ونسب إليه ابن المعتز أيضا:

أبلغ أبا مروان عني رسالة ... فماذا بعيب من وفاء ومن ضر

ونحن كفيناك الأمور كما كفى ... أبوك أبانا الأمر في سالف الدهر ونسب إليه أيضا:

أبلغ أبا وهب إذا ما لقيته ... بأنك (٣) شر الناس عيبا لصاحب

أتبدي (٤) له بشراً إذا ما لقيته ... وتلسعه بالغيب لسع العقارب ومن بخله أنه رأى بعض أولاده وبثوبه خرق فقال: أقسمت عليك ألا ما رفوته، وتمثل بقول القائل:

قليل المال تصلحه فيبقى ... ولا يبقى الكثير مع الفساد


(١) ص: واقف.
(٢) ص: أريتك.
(٣) ص: فإنك.
(٤) ص: تبدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>