للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حليقة؛ سمي " أبو حليقة " لحلقة كانت في أذنه. كان أوحد زمانه في الطب، وكان له حظ من الأدب.

ولد بجعبر سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، وتوفي سنة سبعين وستمائة، وخرج من جعبر إلى الرها وربي بها، وخدم الكامل وخدم الصالح وخدم الترك إلى دولة الظاهر، وقرأ الطب على عمه أبي سعيد بدمشق وعلى مهذب الدين الدخوار، وله نوادر في الطب.

كان قد أحكم معرفة نبض الكامل حتى إنه أخرج يده يوما إليه من خلف ستارة مع الدور (١) المرضى فقال: هذا نبض مولانا السلطان، وهو بحمد الله صحيح، فعجب منه.

ولما طال عليه عمل الدرياق الفاروق لتعذر أدويته عمل درياقا مختصرا توجد أدويته في كل مكان، وقصد بذلك التقرب إلى الله تعالى. وكان يخلص المفلوجين لوقته، وينشىء في العصب زيادة في الحرارة الغريزية ويقويه، ويذيب البلغم في وقته، ويسكن القولنج في وقته.

وحصل للسلطان نزلة في أسنانه فآلمه ذلك وداواه الأسعد (٢) لاشتغال الرشيد بعمل الدرياق، فلم ينجع وزاد الألم، فطلب الرشيد فقال له: تسوك من الدرياق الذي عملته لك وترى العجب، فلما وصل إلى الباب خرجت ورقة السلطان فيها: يا حكيم استعملته وزال الألم لوقته، وبعث له خلعاً وذهبا.

ومر على أبواب القاهر بمفلوج ملقى على جنبه، فأعطاه من درياقه شربة، وطلع إلى القلعة وعاد، فقام المفلوج ملقى على جنبه، فأعطاه من درياقه شربة، وطلع إلى القلعة وعاد، فقام المفلوج يعدو في ركابه ويدعو له.

وألف للملك الصالح صلصا يأكل به اليخني، واقترح عليه أن يكون مقويا للمعدة منبها للشهوة ملينا للطبع. فركب من البقدونس جزءا ومن الريحان


(١) ابن أبي أصيبعة: الآدر، وهي كناية عن النساء، يقول ((من ذلك أنه مرضت دار من بعض الآدر السلطانية)) .
(٢) يعني أسعد الدين عبد العزيز بن أبي الحسن (- ٦٣٥) وترجمته في ابن أبي أصيبعة ٢: ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>