للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب إفريقية وتونس؛ كان أبوه نائبا لآل عبد المؤمن على إفريقية، فلما توفي والده تغلب على إفريقية وتونس وامتدت أيامه، واشتغل عنه بنو عبد المؤمن بأنفسهم؛ وتوفي سنة سبع وأربعين وستمائة، وأصله من برابر مصمودة.

وكان يباشر الأمور بنفسه ولا يركن إلى أحد، وكان كثيرا ما يتستر بالليل ويخرج الأموال ويقصد مواضع الفقراء والأيتام، وعم جميع المستحقين بالعطاء، وكان الفقراء يدعون له بكل مكان؛ وفي كل يوم يجلس في مجلس مخصوص وتحضر الأمراء والجند والوافدون، ولا يأنف أن يتكلم في جليل الأمور وحقيرها، ثم يطعم الناس، فإذا حضر وزير الأموال انقلب إلى مكان آخر مع من يشرفه بالحضور من الفضلاء من فقيه وأديب ومنجم وطبيب، فإذا فرغ من هؤلاء دخل إلى داره واستراح لي أذان العصر، فيخرج إلى موضع آخر غير الموضعين الأولين يتفقد فيه الأمور الخاصة بقصره، فإذا أذن المغرب دخل إلى ما هنأه به الله من اللذات. ولم يقطع صلاة الجمعة في الجامع ولا يخل بها، ويجلس يوم السبت في القبة العظمى وحوله أقاربه وشيوخ دولته على مراتبهم، وتقرأ عليه المظالم بحضرة القاضي وغيره، ويجزم الحكم ويفصله، وله في ذلك أخبار ظريفة:

ورفع إليه طائفة من الشعراء قصائد فوقع عليها بما رآه، وكان منهم شاعر يعرف بابن المحظية، وكان في قصيدته خطأ فوقع: يعطى أن قصيدته كذا وكذا، فاستحسن البلغاء هذا منه.

وكان مرة أصابه ألم في عينيه، فدخل إليه خواصه وفيهم شخص يلقب بالخرا، فقال له وقد كلمه: يا مولانا أبصرتني؟ فقال: لا بل شممتك.

ومات بالرعاف وهو نازل بعسكره على بونة آخر مدن إفريقية

<<  <  ج: ص:  >  >>