مسلم، ومع هذا فلو ثبت على مسلم أنه قتل مسلما فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر، والقتل ليس بكفر بل هو معصية، فإذا مات القاتل ربما مات بعد التوبة، والكافر لو تاب من كفره لم تجز لعنته، فكيف بمن تاب عن قتل؟ وكيف نعرف أن قاتل الحسين رضي الله عنه مات قبل التوبة، " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده "" الشورى ٢٥ " فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين، ومن لعنه كان فاسقاً عاصياً لله عز وجل ولو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره لا يقال له في القيامة: لم لم تلعن إبليس، ويقال للاعن: لم لعنت؟ ومن أين عرفت أنه ملعون مطرود؟ والملعون هو المبعود من الله عز وجل، ولك عيب ولا يعرف إلا في من مات كافراً، فإن ذلك علم بالشرع، وأما الترحم عليه فهو جائز، بل هو مستحب، بل هو داخل في قولنا كل صلاة: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمنا، والله أعلم، كتبه الغزالي.
وحكى ابن القفطي أن يزيد كان له قرد يجعله بين يديه ويكنيه أباقيس، ويقول: هذا شيخ من بني إسرائيل أصاب خطيئة فمسخ، وكان يسقيه النبيذ ويضحك منه، وكان يحمله على أتان، فحمله يوما وجعل يقول:
تمسك أبا قيس بفضل عنانها ... فليس عليها إن هلكت ضمان
فقد سبقت خيل الجماعة كلها ... وخيل أمير المؤمنين أتان وجاء أبا قيس في ذلك اليوم ريح فمال ميتا والأتان، فحزن عليه وأمر بدفنه بعد أن كفنه، وأمر أهل الشام أن يعزوه فيه وأنشأ يقول:
لم يبق قرم (١) كريم ذو محافظة ... إلا أتانا يعزي في أبي قيس
شيخ العشيرة أمضاها وأحملها ... له المساعي مع القربوس والديس