للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ست وخمسين وستمائة.

تفقه وسمع الكثير، وكان إماماً كبيراً وصدراً معظماً، عارفاً بالمذهب كثير المحفوظ حسن المشاركة في العلوم، مليح الوعظ حلول العبارة، ذا سمت ووقار وجلالة وحرمة وافرة، درس وأفتى وصنف، ورسول به إلى الملوك، ورأى من العز والإكرام والاحترام من الملوك شيئاً كثيراً، وكان محبباً إلى الناس، ولي الأستاذ دارية بضع عشرة (١) سنة.

قال الدمياطي: أجازني جميع مصنفات أبيه، وأجازني بجائزة جليلة من الذهب.

قال الشيخ شمس الدين: ضربت عنقه بمخيم التتار هو وأولاده تاج الدين عبد الكريم وجمال الدين المحب وشرف الدين عبد الله في شهر صفر سنة ست وخمسين.

وكان محتسب بغداد ومدرس المستنصرية للحنابلة، وكان إذا سافر استناب ولده في التدريس والحسبة؛ توفي والده وله سبع عشرة (٢) سنة، فأذن له بالجلوس للوعظ على قاعدة والده، وخلع عليه الخليفة القميص والعمامة، وجعل على رأسه طرحة، وحضر يوم الجمعة في حلقة والده بجامع القصر وعنده الفقهاء للمناظرة، ونودي له في الجامع بالجلوس، فحضره الخلائق وتكلم فأجاد، ثم أذن له في الجلوس بباب بدر الشريف (٣) في بكرة كل يوم ثلاثاء، فبقي على ذلك مدة.

ولما أقام عسكر الشام في أيام الناصر ابن العزيز على تل العجول قبالة عسكر مصر وتجاوزت مدة إقامتهم السنة، وأشاعوا الناس أن الباذرائي رسول الخليفة واصل يصلح بين الفريقين فأبطأ وكثرت الأقاويل في ذلك، فقال شهاب الدين غازي ابن إياز المعروف بابن المعمار أحد الأجناد المقاردة،


(١) ص: بضعة عشر.
(٢) ص: عشر.
(٣) الشريف: كذا في ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>