وكان قد أغتر في شبيبته وصحب عفيف الدين التلمساني، فلما تبين له مذهبه هجره وتبرأ منه.
صنف كتاب " تهذيب الكمال " في أربعة عشر مجلداً، كشف به الكتب القديمة في هذا الشأن، وسارت به الركبان، واشتهر في حياته، وألف كتاب " أطراف الكتب الستة " في تسعة أسفار.
قال الشيخ شمس الدين: قرأت بخط الحافظ فتح الدين ابن سيد الناس: ووجدت بدمشق الحافظ المقدم، والإمام الذي فاق من تأخر وتقدم، أبا الحجاج المزي: بحر هذا العلم الزاخر، القائل من رآه: كم ترك الأوائل للأواخر، أحفظ الناس للتراجم، وأعلمهم بالرواة من أعارب وأعاجم، لا يخص بمعرفته مصراً دون مصر، ولا ينفرد عليمه بأهل عصر دون عصر، معتمداً آثار السلف الصالح، مجتهداً فيما نيط به البيت حفظ السنة من المصالح، معرضاً عن الدنيا وأشباهها، مقبلاً على طريقته التي أربى بها على أربابها، لا يبالي ما ناله من الأزل (١) ، ولا يخلط جده بشيء من الهزل، وكان بما يضعه بصيراً، وبتحقيق ما يأتيه جديراً، وهو في اللغة إمام، وله بالقريض إلمام. وكنت أحرص على فوائده لأحرز منها " ما " أحرز، وأستفيد من حديثه الذي إن طال لم يملل وإن أوجز وددت أنه لم يوجز، رحمه الله تعالى.