فقال: وحديثها الحديث لا كالحديث، عذب فهو الماء الزلال، وأسكر فأشبه العتيق الجريال، واستملي من غير ملل ولا ملال، وشغل عن غرر من واجب الأشغال، وجنى من قتل المسلم المتحرز ما ليس بحلال، وصادت بشركه النفوس، ومالت إلى وجهه الأعناق والرؤوس، فهو نزهة العيون وعقال العقول، والموجز الذي ود المحدث أن يطول:
حديثٌ حديث الروض فتح نوره ... فن نوره قد زاد في السمع والبصر
يخرّون للأذقان عند سماعه ... كأنهم من شيعةٍ وهو منتظر
يلذّ به طول الحديث لسامر ... ولا يعتريه من إطالته ضجر
به طرف للطّرف تجنى وعقلة ... لعاقل ركبٍ قد سبقن إلى سفر
هي البدر فاسمع ما تقول فإنه ... غريبٌ وحدّ بالرواية عن قمر وكتب على لسان سيف الدين مقلد ابن الكامل بن شاور إلى الملك الأشرف وكان أبطأ عليه عطاؤه رقعةً مضمونها:
يقبل الأرض بين يدي الملك الأشرف - أعز الله نصره، وشرح ببقائه نفس (١) الدهر وصدره وينهي أنه وصل إلى باب مولانا كما قال المتنبي:
حتى وصلت بنفس مات أكثرها ... وليتني عشت منها بالذي فضلا ويرجو ما قاله في البيت الآخر:
أرجو نداك ولا أخشى المطال به ... يا من إذا وهب الدنيا فقد بخلا فأعطاه صلة سنية وقرر له جامكية، وأحسن قراه، ورتب له ما كفاه.
وكتب إلى القاضي بدر الدين السنجاري:
لولا مواعيد آمالٍ أعيش بها ... لمتّ يا أهل هذا الحيّ من زمن
وإنّما طرف آمالي به مرحٌ ... يجري بوعد الأماني مطلق الرّسن