للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحمامها غرد ونبت رياضها ... خضل وركب نسميها مترفق

وسرت لداريا (١) المعطر تربها ... ريا ذكي المسك منها يعبق

وترى من الغزلان في ميدانها ... فرقاً أسود الغيل منها تفرق

من كل وسنان الجفون محبه ... سهران من وجد عليه مؤرق

حيث الهوى في جانبيه مخيم ... وخيول فرسان الشبيبة تعنق

والقاصدون إليه إما شائق ... متنزه أو عاشق متشوق

صفان هذا باسم عن ثغره ... عجباً، وهذا بالمامع يشرق

هذي المنازل لا أثيلات الحمى ... بعداً لهن ولا اللوى والأبرق

لا تخدعن فما اللذاذة والهوى ... ومواطن الأفراح إلا جلق خذه الخدمة - حرس الله مجد المجلس العالي، وجعل السعادة من صحبه، والأيام من حزبه، والمكرمات من كسبه، وأهدى القرة إلى طرفه والمسرة إلى قلبه، وأوجب له لباس الإقبال ولا روعه بسلبه، وعوض عن الوحشة ببعده الإيناس بقربه - نائبة عن مسطرها في تقبيل يده الكريمة، ووصف مسراته النازحة وأحزانه المقيمة، وشكاية ما أجداه البعد من تحرقه وتلهفه، ووفرته الغيبة من تشوقه إلى الحضرة السامية وتشوفه، هذا مع أن الذكرى تمثل شخصه فلا يكاد يغيب، ويناجيه الخاطر وهو بعيد كمناجاته (٢) وهو قريب، وبحسن ذلك أورد هذه الخدمة مطولاً، وأفاض فيها مسترسلاً، متأنساً بمفاوضته، ومتذكراً أوقات محاضرته، وراغباً أن يريه دمشق بعين وصفه، ويثبت نعتها لديه فكأنها حيال طرفه، وأول ما يبدأ بوصف الرحلة إليها ويقول: إن الزمان صورها للنظر قبل الإشراف (٣) عليها، فقدمناها


(١) ص: لدياريا.
(٢) ص: كما جاءته.
(٣) ص: الاشراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>