للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ أثير الدين: أخبرنا قاضي الجماعة قال: نظم الهيثم (١) قصيدة يمدح بها المتوكل على الله محمد بن يوسف بن هود ملك الأندلس، وكانت أعلامه سوداء لأنه كان بايع الخليفة ببغداد، فوقف إبراهيم بن سهل على قصيدة الهيثم وهو ينشدها لبعض أصحابه، وكان إبراهيم إذ ذاك صغيراً، فقال إبراهيم للهيثم: زد بين البيت الفلاني والبيت الفلاني:

أعلامه السود إعلاماً بسؤدده ... كأنهنّ بخدّ الملك خيلانُ فقال له الهيثم: هذا البيت ترويه أم نظمته؟ قال: بل نظمته الساعة، فقال الهيثم: إن عاش هذا ليكونن (٢) أشعر أهل الأندلس.

والقصيدة التي مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم (٣) :

وركبٍ دعتهم نحو طيبة نية ... فما وجدت إلاّ مطيعاً وسامعا

يسابق وخد العيس ماء شؤونهم ... فيقفون بالسوق المدى والمدامعا

إذا انعطفوا أو رجّعوا الذكر خلتهم ... غصوناً لداناً أو حماماً (٤) سواجعا

تضيء من التقوى حنايا صدورهم ... وقد لبسوا اللّيل البهيم مدارعا

تكاد مناجاة النبيّ محمّدٍ ... تنمّ بهم مسكاّ على الشم ذائعا

تلاقى على ورد اليقين قلوبهم ... خوافق يذكرن القطا والمشارعا

قلوبٌ عرفن الحقّ فهي قد انطوت ... عليها جنوبٌ ما عرفن المضاجعا

سقوا دمعهم غرس الأسى في ثرى الجوى ... فأنبت أزهار الشحوب الفواقعا

تساقوا لبان الصدق محضاً بعزمهم ... وحرّم تفريطي عليّ المراضعا


(١) هو أبو المتوكل الهيثم بن أحمد بن أبي غالب بن الهيثم الإشبيلي، كان شاعراً مشهوراً بالحفظ والارتجال، قتل سنة ٦٣١ (انظر اختصار القدح: ١٥٨ والمغرب ١: ٢٥٨ وصفحات متفرقة من نفح الطيب) .
(٢) ص: فيكون.
(٣) ديوانه: ٢٣٢.
(٤) ص: حمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>