للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن يحيى الملقب بالمستنصر، فإنك إن ظفرت به تمكنت من قصد مصر في البر والبحر، فقصد تونس وكاد يستولي عليها، ومعه جماعة من الملوك، فأوقع الله في عسكره وباء عظيماً (١) ، فهلك افرانسيس سنة إحدى وستين وستمائة، ورجع من بقي من عسكره إلى بلادهم ووصلت البشرى بذلك إلى الملك الظاهر.

ولما أسر الفرنسيس نوبة دمياط تسلمه الطواشي جمال الدين صبيح المعظمي ووضع في رجليه قيد، وسجنه في الدار التي كان فيها فخر الدين ابن لقمان كاتب الإنشاء، فلذلك قال الصاحب جمال الدين ابن مطروح لما بلغ المسلمين عودة الفرنسيس في المرة الثانية:

قل للفرنسيس إذا جئته ... مقال حق من مقول فصيح

آجرك الله على ما جرى ... من قتل عبّاد يسوع المسيح

أتيت مصر تبتغي ملكها ... تزعم أن الزمر يا طبل ريح

فساقك الحين إلى أدهمٍ ... ضاق به عن ناظريك الفسيح

وكل أصحابك أوردتهم ... بسوء أفعالك بطن الضّريح

خمسون ألفاً لا يرى (٢) منهم ... إلاّ قتيل أو أسير جريح

وفقك الله لأمثالها ... لعلّ عيسى منكم يستريح

إن كان باباكم بذا راضياً ... فربّ غش قد أتى من نصيح

وقل لهم إن أضمروا عودة ... لأخذ ثأر أو لقصد صحيح

دار ابن لقمانٍ على حالها ... والقيد باقٍ والطواشي صبيح واشتهرت هذه الأبيات وسارت بها الركبان، خصوصاً البيت الأخير فلهذا قال بعض المغاربة لما قدم الفرنسيس تونس:

يا فرنسيس هذه أخت مصرٍ ... فتيقّن لما إليه تصير

لك فيها دار ابن لقمان قبرٌ ... وطواشيك منكر ونكير


(١) ص: عظيم.
(٢) ص: ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>