للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في جبل حلوان بالديار المصرية؛ يقال إنه ظفر بمال دفين في مغارة، فواسى به الفقراء من كل ملة، وقام عن المصادرين بجملة وافرة. وكان أول ظهور أمره أنه وقعت نار (١) بحارة الباطلية (٢) سنة ثلاث وستين وستمائة فأحرقت ثلاثاً وستين دار (٣) جامعة، ثم كثر الحريق بعد ذلك حتى أحرقت ربع فرج (٤) ، وكان وقفاً على أشراف المدينة، والوجه المطل على النيل من ربع العادل، واتهم بذلك النصارى، فعزم الملك الظاهر على استئصال النصارى واليهود، وأمر بوضع الحلفا والأحطاب في حظيرة كانت في القلعة وأن تضرم النار فيها ويلقى فيها اليهود والنصارى، فجمعوا حتى لم يبق منهم إلا من هرب، وكتفوا ليرموا فيها، فشفع فيهم الأمرا، فأمر أن يشتروا أنفسهم، فقرر عليهم في كل سنة خمسمائة ألف دينار، وضمنهم الحبيس المذكور، وحضر موضع الجباية منهم، فكان كل من عجز عما قرر عليه وزن الحبيس عنه، سواء إن كان يهودياً أو نصرانياً، وكان يدخل الحبوس ومن كان عليه ديناً (٥) وزنه عنه، وسافر إلى الصعيد وإلى الاسكندرية ووزن عن النصارى ما قرر عليهم وكان للناس به رفق وكان الناس قد عرفوه، فكان بعض الناس يتحيل عليه، فإذا رآه قد دخل المدينة أخذ معه اثنين صورة أنهما من رسل القاضي أو المتولي، وأخذا يضربانه ويجذبانه، فيستغيث به: يا أبونا يا أبونا، فيقول: ما باله؟ فيقولان: عليه دين واشتكت عليه زوجته، فيقول: على كم؟ فيقال: على ألفين، أو أقل أو أكثر، فيكتب له على شقفة أو غيرها إلى بعض الصيارف بذلك المبلغ، فيقبضه منه.

وقيل إن مبلغ ما وصل إلى السلطان وما واسى به الناس في مدة سنتين ستمائة ألف دينار مضبوطة بقلم الصيارف الذي كان يجعل عندهم المال، وذلك


(١) ص: ناراً.
(٢) انظر خبر حريق الباطلية في خطط المقريزي ٢: ٨.
(٣) كذا في ص.
(٤) ص: فرح.
(٥) كذا في ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>