للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدم المدينة في سنة مجدبة، فجمع أشرافها له من بينهم شيئاً (١) إلى أن تكمل له أربعمائة دينار وأعطوه إياها، فلما كان يوم الجمعة استقبل الإمام ونادى: من يحملني على نعلين كفاه الله كبة جهنم.

قال الأصمعي: كان الحطيئة سؤولاً ملحفاً دنيء النفس كثير الشر قليل الخير، بخيلاً قبيح المنظر رث الهيئة مغموز النسب فاسد الدين.

وهجا الزبرقان بن بدر بالأبيات التي منها:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي فاستعدى عليه الزبرقان إلى (٢) عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فرفعه عمر إليه واستنشده، وقال لحسان: أتراه هجاه؟ قال: نعم، وسلح عليه، فحبسه في بئر وأبقى عليه شيئاً، فقال:

ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخٍ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمةٍ ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر

أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ... ألقت إليك مقاليد النهى البشر

لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بك الاثر فأخرجه وقال: إياك وهجاء الناس، قال: إذن تموت عيالي جوعاً، هذا مكسبي ومنه معاشي، قال: إياك والمقذع، قال: وما المقذع؟ قال: أن تخاير بين الناس فتقول: فلان خير من فلان، وآل فلان خير من آل فلان، قال: فأنت والله أهجى مني، فقال عمر رضي الله عنه: لولا أن تكون سنة لقطعت لسانه، ولكن اذهب فأنت له يا زبرقان، فألقى الزبرقان في رقبته عمامته واقتاده بها، فعارضته غطفان وقالت له: يا أبا شذرة (٣) إخوتك وبنو عمك فهبه لهم، فوهبه لهم.


(١) ص: شيء.
(٢) كذا في ص: والأصوب حذف ((إلى)) .
(٣) ص: سدرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>