للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمسك، وأوصى أن تجعل في فيه إذا مات، ففعل ذلك.

وقال الشريف محمد بن أسعد بن الجواني المعروف بالنحوي (١) : كان الوزير يهوى النظر إلى الحشرات من الأفاعي والحيات والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري في هذا المجرى، وكان في داره التي تقابل دار الشكالي (٢) قاعة لطيفة موجهة (٣) فيها تلك الحيات، ولها قيم وفراش وحاوي مستخدمون برسم نقل سلل الحيات وحطها، وكان كل حاوي في مصر يصيد ما يقدر عليه من الحيات، ويتناهون في ذوات العجب من أجناسها، وفي الكبار وفي الغريب منها، وكان يثيبهم على ذلك أجل ثواب ويبذل لهم الجزيل حتى يجتهدوا في تحصيلها، وكان له وقت يجلس فيه على دكة مرتفعة، ويدخل المستخدمون والحواة فيخرجون ما في تلك السلل، ويطرحونه على ذلك الرخام، ويحرشون بين الهوام، وهو يتعجب من ذلك ويستحسنه، فلما كان ذات يوم أنفذ خلف ابن المدبر الكاتب، وكان من كتاب أيامه ودولته، وهو عزيز عنده ويسكن جواره، فأنفذ يقول فيه في رقعة: إنه لما كان البارحة وعرض علينا الحواة الحشرات الجاري بها العادات، انساب منها الحية البتراء وذات القرنين الكبرى والعقربان الكبير وأبو صوفة وما حصلوا لنا بعد عناء طويل ومشقة وجملة بذلناها للحواة، ونحن نأمر الشيخ وفقه الله تعالى بالتوقيع إلى حاشيته بصونه ما وجد منها إلى أن ينفذ الحواة بردها إلى سللها. فلما وقف ابن المدبر عليها قلب الرقعة وكتب: أتاني أمر سيدنا الوزير أدام الله تعالى نعمته وحرس مدته بما أشار إليه من أمر الحشرات، والذي أعتمد عليه في ذلك أن الطلاق يلزمه ثلاثاً (٤) إن بات هو أو أحد من أولاده في الدار، والسلام.


(١) ياقوت: بابن النحوي.
(٢) ياقوت: الشنتكاني، وفي المطبوعة السكاكي.
(٣) ياقوت: مرخمة.
(٤) ص: ثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>