مع صاحبك فحضرا إليه، فحكم أبو يوسف للوصي، فلما أمضى الحكم وسوس جعيفران واختلط، وكان إذا ثاب إليه عقله قال الشعر الجيد.
وعن عبد الله بن سليمان الكاتب عن أبيه قال: كنت ليلة أشرف من سطح داري على دار جعيفران، وهو فيها وحده، وقد تحركت عليه السوداء، وهو يدور في الدار طول ليله ويقول:
طاف به طيفٌ من الوسواس ... نفّر عنه لذّة النعاس
فما يرى يأنس بالأناس ... ولا يلذّ عشرة الجلاّس فهو غريبٌ بين هذي الناس ... ولم يزل يرددها حتى أصبح، ثم سقط كأنه بقلة ذابلة.
وعنه قال: غاب عنا أياماً وجاءنا عريان، والصبيان خلفه، وهم يصيحون به: يا جعيفران يا خرا في الدار، فلما بلغ إلي وقف عندي، وتفرقوا عنه، فقال يا أبا عبد الله:
رأيت الناس يدعوني ... بمجنونٍ على حال
ولكن قولهم هذا ... لإفلاسي وإقلالي (١)
ولو كنت أخا وفرٍ ... رخيّ ناعم البال
رأوني حسن العقل ... أحلّ المنزل الغالي
وما ذاك على خبرٍ ... ولكن هيبة المال قال: فأدخلته منزلي فأكل، وسقيته أقداحاً، ثم قلت له: تقدر على أن تغير تلك القافية؟ قال: نعم، ثم قال بديهة: