للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصل إلى مدينة تنكث من بلاد الخيطا، فمرض بها ومات في رابع شهر رمضان سنة أربع وعشرين وستمائة، فكانت أيام مملكته خمساً وعشرين سنة، وكان اسمه قبل أن يلي الملك تمرحين، ومات على دينهم وكفرم، وخلف من الأولاد ستة، وفوض الأمير إلى أركتاي أحدهم بعدما استشار الخمسة الباقين، فلما هلك امتنع أركتاي من الملك وقال: في إخوتي وأعمامي من هو أكبر مني، فلم يزالوا به بعد أربعين يوماً (١) حتى تملك عليهم، ولقبوه القان الأعظم، ومعناه الخليفة فيما قيل، وبعث جنوده وفتح الفتوحات وطالت أيامه، وولي بعده موتكوكا وهو القان الذي هولاكو من بعض مقدميه، وولي بعده أخوه قبلاي، وطالت أيام قبلاي، وبقي في الأمر إلى سنة أربع وسبعمائة، ومات بمدينة خان بالق.

يقال إنه لما كان السلطان خوارزم شاه يغزو هؤلاء التتار ويقتلهم ويسبي ذراريهم وأولادهم ويمنعهم من الخروج عن حدود بلادهم اجتمعوا التتار وشكوا ما يلاقوا من خوارزم شاه وما هم فيه من الضيق والبلاء، فقال لهم جنكزخان: إن ملكتموني عليكم والتزمتم لي بالطاعة واتباع اليسق (٢) الذي أضع لكم شرعه رددت خوارزم شاه عنكم، فالتزموا له بذلك.

وكان مما وضعه لهم أنه قال: كل من أحب امرأة، بنتاً كانت أو غيرها، لا يمنع من التزوج بها ولو كان زبالاً والامرأة بنت ملك، وكان غرضه أن يتناكحوا بشهوة شديدة، ويتضاعف نسلهم ويكثر عددهم، فلما تقرر ذلك دخلوا على خوارزم شاه، وعقدوا مهادنته عشرين سنة، فما جاءت العشرون سنة إلا وهم أمم لا يحصون ولا يحصرون.

وكان من جملة ما قرره أنه إذا حرم القان على أحد شيئاً فلا يحل له أن يأتيه


(١) ص: يوم.
(٢) النسق؛ وقال ابن تغري بردي (النجوم ٦: ٢٦٨) هو صاحب ((التورا)) و ((اليسق)) والتورا: باللغة التركية هو المذهب، واليسق: الترتيب، وأصل كلمة اليسق: ((سي يسا)) ومعناه التراتيب الثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>