للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمه قطعة بلغم وقعت في وسط الصحن، فقال المهلبي: ارفعوا هذا وهاتوا من هذا اللون في غير هذا الصحن، ولم يبن في وجهه استكراه، ولا دال أبا الفرج حياء ولا انقباض.

وكان من ظرف (١) الوزير المهلبي إذا أراد أكل شيء من أرز بلبن وهرايس وحلوى دقيق وقف إلى جانبه الأيمن غلام معه نحو من ثلاثين ملعقة زجاجاً مجروداً، فيأخذ الملعقة من الغلام الذي على يمينه ويأكل بها لقمة واحدة ثم يدفعها إلى الغلام الذي على يساره لئلا يعيد الملعقة إلى فيه مرة ثانية.

ولما كثر على الوزير استمرار ما يجري من أبي الفرج جعل له مائدتين إحداهما كبيرة عامة، والأخرى لطيفة خاصة يواكله عليها من يدعوه إليها. وعلى صنعه بأبي الفرج ما كان يصنعه ما خلا من هجوه، فإن أبا (٢) الفرج قال:

أبعين مفتقر إليك نظرتني ... فأهنتني وقذفتني من حالق

لست الملوم أنا الملوك لأنّني ... أنزلت آمالي بغير الخالق ويروى هذان البيتان (٣) للمتنبي، رواهما (٤) له تاج الدين الكندي، والله أعلم لمن هما.

وكان قبل وزارته قد سافر مرة ولقي في سفره مشقة شديدة، واشتهى اللحم فلم يقدر عليه، وكان معه رفيق يقال له أبو عبد الله الصوفي، فقال المهلبي ارتجالاً:

ألا موتٌ يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه


(١) ص: طرف.
(٢) ص: أبو.
(٣) ص: هذين البيتين.
(٤) ص: رواها.

<<  <  ج: ص:  >  >>