للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو إسحاق الصابي: كنت يوماً عند الوزير المهلبي، فأخذ ورقة وكتب فيها، فقلت بديهاً:

له يدٌ أبدعت (١) جوداً بنائلها ... ومنطقٌ دره في الطّرس ينتثر

فحاتم كامنٌ في بطن راحته ... وفي أناملها سحبان يستتر ومن شعره:

الجود طبعي ولكن ليس لي مال ... وكيف يصنع من بالقرض يحتال

فهاك خطي فخذه معك تذكرةً ... إلى اتّساعٍ فلي في الغيب آمال (٢) ومنه:

أتاني في قميص اللاذ يسعى ... عدوٌّ لي يلقّب بالحبيب

فقلت له فديتك كيف هذا ... بلا واشٍ أتيت ولا رقيب

فقال الشمس أهدت لي قميصاً ... كلون الشمس في شفق الغروب

فثوبي والمدام ولون خدي ... قريبٌ من قريبٍ من قريب ومنه:

تطوى بأوتارها الهموم كما ... يطوى دجى اللّيل بالمصابيح

ثمّ تغنّت فخلتها سمحت ... بروحها خلعةً على روحي كان أبو النجيب شداد بن إبراهيم الجزري الواعظ الملقّب بالظاهر (٣) كثير الملازمة للوزير المهلبي، فاتفق أن غسل ثيابه، فأنفذ الوزير يدعوه فاعتذر، فلم يقبل، وألح في استدعائه، فكتب إليه:

عبدك تحت الحبل عريان ... كأنه لا كان شيطان

يغسل أثواباً كأن البلى ... فيها خليط وهي أوطان


(١) ص: ابرعت.
(٢) بهامش ص نصويب: فهاك خطي إلى أيام ميسرتي: ديناً عليّ ...
(٣) سيترجم له المؤلف، انظر رقم: ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>