كانت عندي في درج معدة لمثل هذا من ياقوت أحمر وأصفر وأزرق وحباً كباراً (١) ودراً فاخراً ما قيمته خمسون ألف دينار، وأضعه في صينية وألعب به فيزول قبضي، فاستدعيت بذلك الدرج فأتي به بلا صينية، ففرغته في حجري وجلست في صحن داري في بستان في يوم بارد طيب الشمس، وهو مزهر بصنوف الشقائق والمنثور، وأنا ألعب بذلك إذ دخل الناس بالزعقات والمكروه، فلما رأيتهم دهشت ونفضت جميع ما كان في حجري من الجوهر بين ذلك الزهر في البستان فلم يروه، وأخذت وحملت وبقيت مدة في المصادرة والحبس، وانقلبت الفصول على البستان وجف ما فيه، ولم يفكر أحد فيه، فلما فرج الله عني وجئت إلى داري ورأيت المكان الذي كنت فيه ذكرت الجوهر، فقلت: ترى بقي منه شيء؟ ثم قلت: هيهات! وأمسكت، ثم قمت بنفسي ومعي غلام يثير البستان بين يدي، وأنا أفتش ما يثيره، وآخذ منه الواحده بعد الواحدة، إلى أن وجدت الجميع، ولم أفقد منه شيئاً.
وكان ينسب إلى الحمق والبله فمما يحكى عنه أنه قال في دعائه يوماً: اللهم اغفر لي من ذنوبي ما تعلم وما لا تعلم.
ودخل يوماً على ابن الفرات الوزير فقال: يا سيدي عندنا في الحويرة كلاب لا يتركونا ننام من الصياح، فقال الوزير: احسبهم جراء، فقال: أيها الوزير لا تظن ذلك، كل كلب مثلي ومثلك.
ونظر يوماً في المرآة فقال لرجل آخر: انظر ذقني هل كبرت أو صغرت؟ فقال له: إن المرآة بيدك، فقال: صدقت، ولكن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب.
ورؤي وهو يبكي وينتحب، فقيل له: ما لك؟ فقال: أكلت اليوم مع الجواري المخيض بالبصل فآذاني، فلما قرأت في المصحف: ويسألونك عن المخيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المخيض فقلت: ما أعظم قدرة الله!