للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليحيى: يا ابن الزانية ما أردت من عصاي حتى صيرتها ضحكة، واجتنب أن يكتب عليها كما كان يفعل أولاً.

وكان له صديق أعمى يدعى أبا علية، وكان ابن عبدل قد أقعد، فخرجا ليلة من منزلهما إلى منزل بعض إخوانهما، والحكم يحمل وأبو علية يقاد، فلقيهما صاحب العسس بالكوفة وأخذهما فحبسهما، فلما استقرا في الحبس نظر الحكم إلى عصاه موضوعة في الحبس بجنب عصا أبي (١) علية، فضحك الحكم وقال:

حبسي وحبس أبي علي ... ة من أعاجيب الزمان

أعمى يقاد ومقعدٌ ... لا الرجل منه ولا اليدان

هذا بلا بصرٍ هنا ... ك وبي يخبّ الحاملان

يا من يرى ضبّ الفلا ... ة قرين حوتٍ في مكان

طرفي وطرف أبي علي ... ة دهرنا متوافقان

من يفتخر بجواده ... فجوادنا عكّازتان

طرفان لا علفاهما (٢) ... يشرى ولا يتصاهلان وقال أيضاً من أبيات:

ففي حالتينا عبرة وتفكّر ... وأعجب منه حبس أعمى ومقعد

كلانا إذا العكاز فارق كفّه ... يخرّ صريعاً أو على الوجه يسجد

فعكازه يهدي إلى السبل أكمهاً ... وأخرى مقام الرجل قامت مع اليد وكان بالكوفة امرأة موسرة، وكان لها على الناس ديون بالسواد، فاستغاثت بابن عبدل في دينها وقالت: إني لست بزوج، وجعلت تعرّض أنها تزوجه بنفسها، فقام ابن عبدل في دينها حتى اقتضاه، فلما طالبها بالوفاء كتبت إليه شعراً:


(١) ص: أبو.
(٢) ص: علقاهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>