للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل كانوا يوجهون (١) وجهه إلى ناحية العراق، فيصبح وقد دار إلى القبلة، مراراً. ونسجت العنكبوت على عورته، وكان قد صلب عرياناً.

وقال الموكل بخشبته: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد وقف على الخشبة وقال: " هكذا يصنعون بولدي من بعدي؟ يا بني، يا زيد، قتلوك قتلهم الله، صلبوك صلبهم الله "، فخرج هذا في الناس، فكتب يوسف بن عمر إلى هشام: أن عجل إلى العراق فقد فتنوا، فكتب إليه هشام: أن أحرقه بالنار.

قال جرير بن حازم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مسنداً ظهره إلى خشبة زيد بن علي وهو يبكي، ويقول: هكذا يفعلون بولدي. ذكر هذا كله الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق.

وقال ابن أبي الدم في الفرق الإسلامية: الزيدية أصحاب زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، كان زيد قد آثر تحصيل علم الأصول، فتتلمذ لواصل بن عطاء رأس المعتزلة، فقرأ عليه واقتبس منه علم الاعتزال، وصار زيد وجميع أصحابه معتزلة في المذهب والاعتقاد، وكان أخوه محمد الباقر يعيب عليه كونه قرأ على واصل بن عطاء وتتلمذ له واقتبس منه، مع كونه يجوز الخطأ على جده علي بن أبي طالب بسبب خروجه إلى حرب الجمل والنهروان، ولأن واصلاً (٢) كان يتكلم في القضاء والقدر على خلاف مذهب أهل البيت.

وكان زيد يقول: علي أفضل من أبي بكر الصديق ومن بقية الصحابة، إلا أن أبا بكر فوضت إليه الخلافة لمصلحة رآها الصحابة وقاعدة دينية راعوها من تسكين الفتنة وتطيب قلوب الرعية، وكان يجوز إمامة المفضول مع قيام الأفضل للمصلحة.

فلما قتل زيد في خلافة هشام قام بالأمر بعده ولده يحيى ومضى إلى


(١) ص: يوجهوا.
(٢) ص: واصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>