للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنابي بالبحرين، واجتمع إليه جماعة من الأعراب والقرامطة وقوي أمره، وأن غلامه الصقلبي قتله سنة إحدى وثلثمائة، وقام بعده أبو طاهر ابنه؛ وفي سنة إحدى عشرة وثلثمائة قصد أبو طاهر البصرة وملكها بغير قتال، بل صعدوا إليها بسلالم شعر، فلما أحسوا بهم ساروا إليهم،، فقتلوا والي البلد ووضعوا السيف في الناس، فهرب منهم من هرب، وأقاموا فيه سبعة عشر يوماً، ونهب القرمطي جميع ما فيها وعاد إلى بلده، ولم يزل يعيث في البلاد ويكثر فيها الفساد، من القتل والسبي والحريق والنهب، إلى سنة سبع عشرة (١) وثلثمائة، فحج الناس، وسلموا في طريقهم. ثم إن القرمطي وافاهم بمكة يوم التروية فنهب أموال الحاج وقتلهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه، وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر، فخرج إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف فقاتلوه فقتلهم أجمعين، وقلع باب الكعبة، وأصعد رجلاً ليقلع الميزاب فسقط ومات، وألقى القتلى في بئر زمزم وترك الباقي في المسجد الحرام، وأخذ كسوة البيت وقسمها بين أصحابه، ونهب دور أهل مكة، فلما بلغ ذلك المهدي عبيد الله صاحب إفريقية، كتب إليه ينكر عليه ويلومه ويلعنه ويقول: حققت على شيعتنا ودعاة دولتنا الكفر واسم الإلحاد بما فعلت، وإن لم ترد على أهل مكة والحاج ما أخذت منهم، وترد الحجر الأسود إلى مكانه، وترد الكسوة، وإلا فأنا بريء منك في الدنيا والأخرة، فلما وصل هذا الكتاب إليه أعاد الحجر الأسود وما أمكنه من أموال أهل مكة، وقال: أخذناه بأمر ورددناه بأمر، وكان بجكم التركي أمير العراق وبغداد قد بذل لهم في رده خمسين ألف دينار فلم يردوه (٢) .

قال ابن الأثير: ردوه إلى الكعبة لخمس خلون من ذي القعدة سنة تسع


(١) ص: سبعة عشر.
(٢) استدرك ابن خلكان هنا على ابن الأثير، بقوله: إن كتاب المهدي غلى القرمطي لا يستقيم لأن المهدي توفي سنة ٣٢٢ وكان رد الحجر سنة ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>