داره موضع سقاية جيرون، وكان فصيحاً مفوهاً، مؤثر العدل، يحب الغزو؛ ومولده سنة ستين، وتوفي عاشر صفر سنة تسع وتسعين بمرج دابق عرضت عليه سعلة وهو يخطب، فنزل وهو محموم، فما جاءت الجمعة الأخرى حتى مات، وولي عمر بن عبد العزيز.
وكان جميل الوجه، وعزل عمال الحجاج، وأخرج من في سجون العراق، وهم بالإقامة في القدس، وحج سنة سبع وتسعين، وقال لعمر بن عبد العزيز لما رأى الناس في الموسم: أما ترى هذا الخلق الذي لا يحصى عددهم إلا الله تعالى، ولا يسع رزقهم غيره؟ فقال: يا أمير المؤمنين، هؤلاء اليوم رعيتك وغداً خصماؤك، فبكى بكاء شديداً ثم قال: بالله أستعين.
وكان من الأكلة، قال ابنه: أكل أبي أربعين دجاجة تشوى على النار، وأكل أربعاً وثمانين (١) كلوة بشحمها وثمانين جرذقة، وأكل سبعين رمانة وخروفاً وأتى بمكوك زبيب طائفي فأكله أجمع.
وقيل إنه جلس في بيت أخضر، وتحته وطاء أخضر، عليه ثياب خضر، ثم نظر في المرآة فأعجبته نفسه وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم نبياً، وكان أبو بكر صديقاً، وكان عمر فاروقاً، وكان عثمان حيياً، وكان معاوية حليماً، وكان يزيد صبوراً، وكان عبد الملك سائساً، وكان الوليد جباراً، وأنا الملك الشاب، فما دار عليه الشهر حتى مات.
وقال سعيد بن عبد العزيز: إن سليمان ولي وهو إلى الشباب والترف ما هو، فقال لعمر بن عبد العزيز: يا أبا حفص إنا قد ولينا ماترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامة فمر به يكتب، فكان من ذلك عزل عمال الحجاج، وإخراج من في سجون العراق، وكان يسمع من عمر بن عبد العزيز جميع ما يأمر به.