للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهل خراسان إلى هذا الطريق.

قال له إبراهيم بن أدهم بمكة: ما بدء أمرك الذي بلغك إلى هذا؟ فذكر أنه رأى في بعض الفلوات طائراً (١) مكسور الجناحين، أتاه طائر (٢) صحيح الجناح، في منقاره جرادة، فتركت التكسب واشتغلت بالعبادة، فقال له إبراهيم: ولم لا تكون أنت الطائر الصحيح الذي أطعم الطائر المكسور حتى تكون أفضل منه؟ أما سمعت عن النبي صلى الله عليه وسلم: " اليد العليا خير من اليد السفلى ". ومن علامة المؤمن: أن يطلب أعلى الدرجتين في أموره كلها، حتى يبلغ منازل الأبرار، فأخذ شقيق يد إبراهيم فقبلها وقال: أنت أستاذنا يا أبا إسحاق.

وقال حاتم: كنا مع شقيق في مصافٍ نحارب الترك في يوم لا ترى إلا رؤوس تطير ورماح تقصف وسيوف تقطع، فقال لي: كيف ترى نفسك يا حاتم في هذا ليوم؟ تراه مثل ما كنت في الليلة التي زفت إليك امرأتك؟ قال: لا والله، قال: لكنني والله أرى نفسي هذا اليوم مثل ما كنت تلك الليلة، ثم نام بين الصفين، ودرقته تحت رأسه حتى سمعت غطيطه.

ومات في غزوة كوملان سنة أربع وتسعين ومائة.

قال أبو سعيد الخراز: رأيت شقيقاً (٣) البلخي في النوم، قلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، غير أننا لا نلحقكم، قلت: ولم ذاك؟ قال: لأنا توكلنا على الله بوجود الكفاية وتوكلتم بعدم (٤) الكفاية، قال: فسمعت الصراخ: صدق صدق، فانتبهت وأنا أسمع الصراخ.


(١) ص: طائر.
(٢) ص: طائراً.
(٣) ص: شقيق.
(٤) ص: بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>