والطير تسجع بالألحان صادحةً ... كأن ألحانها الأوتار تصطخب
والروض يضحك في أكمامه خجلاً ... من الغمام ودمع الغيث ينسكب
وللزجاجة معنى رقة وسناً ... كأنها الزهر الغراء ترتقب
لله ندمان ذاك الحي من نفرٍ ... قوم دعاهم إلى حاناتها الطرب
فلا تقل حجبوا عني محاسنهم ... فليس تمنعها الأستار والحجب
بالله يا مهجتي لا تبتغي بدلاً ... منهم وإن سلبوا قلبي وقد سلبوا
ويا غرامي لي في صبوتي حرق ... أودى وحقك بي من حرها اللهب
حسبي وقد علموا حالي بحبهم ... وعندهم (١) زفرات الشوق تحتسب
إن بلغ الله آمالي مآربها ... وقد قضيت هوىً لم يبق لي أرب
وأين مني ديار القوم إذ وقفت ... بي الركاب وحثت تحتهم نجب
ولا تقل شقة الأسفار تبعدني ... إذا عزمت فذاك البعد يقترب
لا اشتكي أبداً بعداً لدارهم ... ولا أرى غيرهم في الكون لا حجبوا
يحلو لي الصد منهم حيث يعذب لي ... مر العتاب فلا صدوا ولا عتبوا
وأرتضي كل ما فيه رضىً لهم ... وقد ألفت الرضى منهم فلا غضبوا
فاستجل لمحة برق من محاسنهم ... ولا تقل عندها الأرواح تنتهب
لا تنح في الدهر يوماً غيرهم أبداً ... فنحوهم وإليهم ينتهي الطلب
تحلو الأحاديث عنهم كلما ذكروا ... وفيهم تعذب الأشعار والخطب
لا تعجبن لوصفي في محاسنهم ... فكل معنى لهم في وصفه عجب
(١) ص: وعندي.