للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسعادة تملي الزهر بالوسمي والنظر بالحسن الوسيم - في المشاركة في حمام (١) جمع بين جنة ونار، وأنواء وأنوار، وزهر وأزهار، قد زال فيه الاحتشام فكل عارٍ، ولا عار، نجوم سمائه لا يعتريها أفول، وناجم رخامه لا يعتريه ذبول، تنافست العناصر على خدمة الحال به، تنافساً احسن كل التوصل فيه إلى بلوغ أربه، فأرسل البحر ما جسده جسده من زبده، لتقبيل أخمصه إذ قصرت همته عن تقبيل يده، ولما لم ير التراب له في هذه الخدمة مدخلاً، تطفل وجاء وما علم أن التسريح لمن جاء متطفلاً، والنار رأت أن عين مباشرتها يستقل، وأنها بفرض من خدمته لا تخل، ولأن لها حرمة هداية الضيف في السرى، وبها يدفع (٢) القر ويقع القرى، فأعلمت ضدها الماء فدخل وهو حار الأنفاس، وغلت مراجله فلأجل ذلك داخله من صوت تساكبه الوسواس، والهوا أنه قصر عن مطاولة هذا المبار، فأمسك متهيباً ينظر ولكن من خلف زجاجة إلى تلك الدار، ثم إن الأشجار رأت أنها لا مشاركة (٣) لها في هذه الحظوة، ولا مساهمة في تلك الخلوة، فأرسلت في الأمشاط أكفاً أحسنت بها تدعو إليه الفرق، ومرت على سواد العذار الفاحم كما يمر البرق، وذلك بيد قيم قيمٍ بحقوق الخدمة، عامل بما يعامل به أهل النعيم أهل النعمة، خفيف اليد مع الأمانة، موصوف بالمهابة عند أهل تلك المهانة، لطف أخلاقاً حتى كأنها عتاب بين جحظة والزمان، وحسن صنعةً فلا يمسك يداً إلا بمعروف ولا يسرح تسريحاً إلا بإحسان، أبداً يرى مع طهارته وهو ذو صلف، ويشاهد مزيلاً لكل أذىً حتى لو خدم البدر لأزال عن وجهه الكلف، بيده موسى كأنه صباح ينسخ ظلاماً، أو نسيم ينفض عن الزهر كماماً، إذا أخذ صابونه أوهم من يخدمه بما يمره على جسده أنه


(١) سقطت من ص.
(٢) ص: دفع.
(٣) ص: لانشآئه.

<<  <  ج: ص:  >  >>