قدم بغداد مرات، وروي بها شيء من شعره؛ قال ابن النجار: ولم يتفق لي لقاؤه، وكان قد ضمن البيع بواسط، ثم عطل وصودر على أموال كثيرة. أورد له ابن النجار:
يروم صبراً وفرط الوجد يمنعه ... سلوّه ودواعي الشوق تردعه
إذا استبان طريق الرشد واضحه ... عن الغرام فيثنيه ويرجعه
محلاً ذاده عن عذب مورده ... جور الزمان وطام عزّ مشرعه
مشحونة بالجوى والشوق أضلعه ... ومفعم القلب بالأحزان مترعه
تصبيه أن هتفت ورقاء ضاحيةً ... في كلّ يوم لها لحنٌ ترجعه
تسنّمت من غصون البان مرتعداً ... تحطّه الريح أحياناً وترفعه
خضباء ضافية السربال ناعمة ... جنابها دمث الأكناف ممرعه
لا إلفها نازحٌ تنهلّ أدمعها ... عليه وجداً كما تنهلّ أدمعه
عاثت يد البين في قلبي لتقسمه ... على الهوى وعلى الذكرى توزّعه
كأنّما آلت الأيّام جاهدة ... لمّا تبدّد شملي لا تجمّعه
روّعت يا دهر قلبي بالبعاد وكم ... قد بات قلبي ولا شيء يروعه
وأنت يا بين قلبي كم تذوّقه ... مرّ الأسى وفؤادي كم تجرعه
وكم مرامٍ لقلبي ليس يبلغه ... تصدّه عنه أسباب وتمنعه
من لي بمن قلبه قلبي فأسمعه ... بثّي فيبسط من عذري ويوسعه
قلّ الوفاء فما أشكو إلى أحدٍ ... إلاّ أكبّ على قلبي يقطعه
يا خالي القلب قلبي حشوه حرقٌ ... وهاجع الليل ليلي لست أهجعه
إن خنت عهدي فإني لم أخنه، وإن ... ضعيت ودّي فإنّي لا أضيعه
هذا مقام ذليلٍ عزّ ناصره ... يشكو إليك، فهل شكواه تنفعه؟
يلومه في الهوى قوم وما علموا ... أنّ الملامة تغريه وتولعه
من لا يكابد فيه ما أكابده ... منه ويوجعني ما ليس يوجعه
تمرّ أقوالهم صفحاً على أذني ... مرّ الرياح بسلمى لا تزعزعه