ومتى سقوه شراب أنس منهم ... رقت معانيه وراق شرابه
وإذا تهتك ما يلام لأنه ... سكران عشقٍ لا يفيد عتابه
بعث السلام مع النسيم رسالةً ... فأتاه في طي النسيم جوابه
قصد الحمى وأتاه يجهد في السرى ... حتى بدت أعلامه وقبابه
ورأى لليلى العامرية منزلاً ... بالجود يعرف والندى أصحابه
فيه الأمان لمن يخاف من الردى ... والخير قد ظفرت به طلابه
قد أشرعت بيض الصوارم والقنا ... من حوله فهو المنيع حجابه
وعلى حماه جلالة من أهله ... فلذالك طارقة العيون تهابه
كم قلبت فيه القلوب على الثرى ... شوقاً إليه وقبلت أعتابه
كم أخصبت منه الأباطح والربى ... للزائرين وفتحت أبوابه وقال أيضاً:
بالجانب الأيمن من خدها ... نقطة مسكٍ أشتهي شمها
حسبته لما بدا خالها ... وجدته من حسنه عمها وقال أيضاً:
معاملة الأحباب بالوصل والوفا ... فدع يا حبيبي عنك ذا الصد والجفا
وإن كان لي ذنب بجهلي فعلته ... فمثلي من أخطأ ومثلك من عفا
أيا بدر تم حان منه طلوعه ... ويا غصن بانٍ آن أن يتعطفا
كفى ما جرى من دمع عيني بالبكا ... وعشقي على قلبي جرى منه ما كفى
فإن كنت لا تدري وتعرف ما الهوى ... فقصدي أن تدري بذاك وتعرفا
أعد ذلك الفعل الجميل تجملاً ... وإن لم يكن طبعاً يكون تكلفا
فما أقبح الإعراض عمن تحبه ... وما أحسن الإقبال منه وألطفا
تقدم شوقي يسبق الدمع جارياً ... إليك ولكن عنك صبري تخلفا
فديتك محبوباً على السخط والرضى ... وعذرك مقبول على الغدر والوفا