للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سرت من هضاب (١) الشام وهي مريضة ... فما ظهرت إلا وقد كاد أن تخفى

عليلة أنفاس تداوى بها الجوى ... وضعفى ولكن قد وجدنا بها ضعفا

وهاتفة في البان تملي غرامها ... وتتلو علينا من صبابتها صحفا

عجبت لها تشكو الفراق جهالةً ... وقد جاوبت من كل ناحيةٍ إلفا

ويشجي قلوب العاشقين حنينها ... وما فهموا مما تغنت به حرفا

ولو صدقت فيما تقول من الأسى ... لما لبست طوقاً ولا خضبت كفا

أجارتنا أذكرت من كان ناسياً ... وأضرمت ناراً للصبابة لا تطفا

وفي جانب الماء الذي تردينه ... مواعيد لا ينكرن لياً ولا خلفا

ومهزوزة للبان فيها تمايل ... جعلن لها في كل قافية وصفا

لبسنا عليها بالثنية ليلةً ... من السود لم يطو الصباح لها سجفا

لعمري لئن طالت علينا فإننا ... بحكم الثريا قد قطعنا لها كفا

رمينا بها في الغرب وهي ضعيفة ... ولم نبق للجوزاء عقداً ولا شنقا

كأن الدجى لما تولت نجومه ... مدبر حربٍ قد هزمنا له صفا

كأن عليه للمجرة روضةً ... مفتحة الأنوار أو نثرةً زغفا

كأنا وقد ألقى إلينا هلاله ... سلبناه جاماً أو فصمنا له وقفا

كأن السها إنسان عينٍ غريقةٍ ... من الدمع يبدو كلما ذرفت ذرفا

كأن سهيلاً فارس (٢) عاين الوغى ... ففر ولم يشهد طراداً ولا زحفا

كان سنا المريخ شعلة قابسٍ ... تخطفها عجلان يقذفها قذفا

كأن أفول النسر طرف تعلقت ... به سنة ما هب منها ولا أغفى


(١) ص: هضام.
(٢) ص: فارساً.

<<  <  ج: ص:  >  >>