للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله بن المستنصر بالله بن الظاهر بن الناصر بن المستضيء البغدادي، آخر خلفاء بني العباس ببغداد؛ كان ملكهم من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى سنة ست وخمسين وستمائة.

مولده سنة تسع وستمائة، وبويع له بالخلافة لما توفي والده في العشين من شهر جمادى الأولى سنة أربعين وستمائة، وكانت مدة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأياماً، وتقدير عمره سبعاً وأربعين (١) سنة.

وكان متديناً متمسكاً بمذهب أهل السنة والجماعة، على ما كان عليه والده وجده رحمهم الله تعالى، ولم يكن على ما كانوا عليه من التيقظ والهمة، بل كان قليل المعرفة والتدبير والتيقظ نازل الهمة، محباً للمال مهملاً للأمور يتكل فيها على غيره، ولو لم يكن فيه إلا ما فعله مع الملك الناصر داود في الوديعة (٢) لكفاه ذلك عاراً وشناراً، والله لو كان الناصر من الشعراء، وقد قصده وتردد عليه على بعد المسافة، ومدحه بعدة قصائد، كان يتعين عليه أن ينعم عليه بقريب من قيمة وديعته من ماله، فقد كان في أجداد المستعصم بالله من استفاد منه آحاد الشعراء أكثر من ذلك، إلى غير ذلك من الأمور التي كانت تصدر عنه، مما لا يناسب منصب الخلافة، ولم يتخلق بها الخلفاء قبله، فكانت هذه الأسباب كلها (٣) مقدمات لما أراد الله تعالى بالخليفة والعراق وأهله، وإذا أراد الله تعالى أمراً هيأ أسبابه.

واختلفوا كيف كان قتله، قيل إن هولاكو لما ملك بغداد أمر بخنقه، وقيل رفس إلى أن مات، وقيل غرق، وقيل لف في بساط وخنق، والله أعلم بحقيقة الحال.

وكانت واقعة بغداد، وقتل الخليفة من أعظم الوقائع، قال الشيخ شمس الدين الكوفي الواعظ - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - يذكر خراب بغداد وقتل الخليفة:


(١) ص: وأربعون.
(٢) انظر الخبر عن هذه الوديعة في ترجمة الناصر داود.
(٣) ص: لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>