للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عين هذا السيد الجليل؟!

وكان المأمون بخراسان قد بايع بالعهد لعلي بن موسى الرضا ونوه باسمه، وغير لبس آبائه من لبس السواد وأبدله بالخضرة، فغضب بنو العباس بالعراق لهذين الأمرين فخلعوه وبايعوا عمه إبراهيم بن المهدي ولقبوه المبارك، فحاربه الحسن بن سهل، فهزمه إبراهيم وألحقه بواسط، وأقام إبراهيم بالمدائن، ثم سار جيش الحسن وعليه حميد الطوسي وعلي بن هشام فهزموا إبراهيم، فاختفى ولم يظهر خبره إلا في وسط خلافة المأمون، فعفا عنه على ما ذكره قاضي القضاة ابن خلكان في ترجمة إبراهيم بن المهدي (١) .

وتقدم إلى المأمون رجل غريب بيده محبرة وقال: يا أمير المؤمنين، رجل من أهل الحديث منقطع به، فقال: ما تحفظ في باب كذا؟ فلم يذكر فيه شيئاً، فما زال المأمون يقول: حدثنا هشيم وحدثنا يحيى وحدثنا حجاج، حتى ذكر الباب، ثم سأله عن باب آخر، فلم يذكر فيه شيئاً، فقال المأمون: حدثنا فلان وحدثنا فلان، ثم قال لأصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام ثم يقول: اعطوني أنا من أهل الحديث، أعطوه ثلاثة دراهم.

ومع ذلك كان مسرف الكرم جواداً ممدحاً، فرق في ساعة ستة وعشرين ألف ألف؛ ومدحه أعرابي مرة فأجازه بثلاثين ألف دينار.

وقال أبو معشر: كان أماراً بالعدل ميمون النقيبة فقيه النفس، يعد مع كبار العلماء.

وأهدى إليه ملك الروم تحفاً سنية منها مائة رطل مسك، ومائة حلة سمور، فقال المأمون: أضعفوها له، ليعلم عز الإسلام وذل الكفر.

وقال يحيى بن أكثم: كنت عند المأمون، وعنده جماعة من قواد خراسان، وقد دعا إلى القول بخلق القرآن، فقال لهم: ما تقولون في القرآن؟ فقالوا:


(١) انظر ابن خلكان ١: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>